قصة زينب الأرملة والقاضي الظالم

تحكي القصة عن زينب، أرملة طيبة تكسب رزقها من دكان ورثته عن زوجها. طمع فيها تاجر جشع فحاول انتزاع الدكان منها ظلمًا بمساعدة قاضٍ فاسد. بعد أن خذلها الجميع، قررت زينب اللجوء إلى الوالي العادل الذي كشف الحقيقة، فعاقب التاجر والقاضي، وأنصف زينب. العبرة: الظلم لا يدوم، والعدل مهما تأخر، يعلو في النهاية.

قصص طويلةقصص قصيرة

واحة الحكايات والقصص

يُحكى قديمًا أنّ امرأة صالحة تُدعى زينب كانت تعيش في إحدى المدن. كانت زينب أرملةً تعيل أطفالها من دكّانٍ صغير ورثته عن زوجها الراحل. اشتهرت بين جيرانها بطيبتها واستقامتها وحسن معاملتها للجميع.
لكن صفو حياتها لم يدم طويلًا، إذ طمع أحد كبار التجّار في السوق بدكانها، لأنه كان يقع في موقعٍ تجاريٍّ حيوي. حاول التاجر في البداية إغراء زينب بشراء الدكان بثمنٍ بخس، لكنها رفضت رفضًا قاطعًا، فالدكان كان مصدر رزقها الوحيد وذكرى عزيزة لزوجها الراحل.

وعندما فشلت محاولات الإغراء، لجأ التاجر إلى نفوذه وسطوته. بدأ يضايق زينب بشتى السبل، فتارةً يرسل رجاله لإتلاف بضائعها، وتارةً ينشر الأكاذيب لتشويه سمعتها بين الناس.
صبرت زينب وتحملت الأذى، لكن التاجر لم يرتدع، بل ازداد تجبّرًا وظلمًا، حتى رفع في نهاية المطاف دعوى كيدية ضدها أمام قاضي المدينة، مدّعيًا أحقيته بجزء من الدكان.

كانت حجج التاجر واهية وزائفة، لكنه اعتمد على علاقاته الواسعة ونفوذه لدى أصحاب السلطة.
أما قاضي المدينة، ويدعى القاضي نعمان، فكان رجلًا مسنًّا يَظهر عليه الوقار والنزاهة، لكنه في داخله كان يخشى بطش الأمراء والأثرياء، ويميل إلى مجاملة ذوي النفوذ حفاظًا على سلامته.
وقد أغدق عليه التاجر الهدايا الثمينة والوعود بمزيدٍ من المال إن حكم لصالحه.

حضرت زينب إلى مجلس القضاء بقلبٍ وجِلٍ وعينٍ دامعة، وشرحت للقاضي ظلم التاجر وقدّمت الوثائق التي تثبت ملكيتها الشرعية للدكان، لكن القاضي كان قد مال قلبه نحو التاجر.
تجاهل الأدلة الواضحة واستمع بانحيازٍ إلى حجج التاجر الباطلة. وفي ختام الجلسة، أصدر القاضي حكمًا جائرًا قضى فيه بأن جزءًا من الدكان يعود للتاجر، مستندًا إلى تأويلاتٍ قانونية ضعيفة.

صُعقت زينب من وقع الحكم الظالم، وشعرت كأن الأرض قد انشقت وابتلعتها. لم تتوقع أن يبلغ الظلم هذا الحد، وأن يتم التلاعب بالعدالة بهذه الفجاجة.
حاولت استئناف الحكم، لكن نفوذ التاجر كان قويًا، فأُغلقت أمامها كل الأبواب. أصابها اليأس، إذ فقدت مصدر رزقها وأصبحت هي وأطفالها في مهب الريح.

لكن زينب لم تستسلم، إذ كانت مؤمنة بالله قوية العزيمة. سمعت عن الوالي الجديد للمدينة المشهور بعدله ونزاهته وحرصه على رفع المظالم، فقررت أن تتوجه إلى قصر الوالي لعرض قضيتها عليه.
كان الوصول إلى الوالي أمرًا بالغ الصعوبة، لكنها أصرّت وثابرت حتى سمح لها الحراس بمقابلة أحد المقربين من الوالي.
قصّت زينب حكايتها بقلبٍ مكسور ودموعٍ غزيرة، فروت كيف ظلمها التاجر وتواطأ القاضي معها.

تأثّر الرجل الصالح بحديثها، وأدرك صدقها، فوعدها بأن ينقل مظلمتها إلى الوالي.
وبالفعل، نقل قصّتها إلى الوالي الذي استشاط غضبًا حين علم بما جرى من ظلم وتعدٍّ على العدالة.
أمر الوالي على الفور بفتح تحقيقٍ شامل في القضية، وتم استدعاء كلٍّ من القاضي نعمان، والتاجر، وزينب إلى مجلس الحكم.

استمع الوالي بنفسه إلى أقوالهم وفحص الوثائق بعناية، حتى تبيّن له بجلاءٍ تواطؤ القاضي مع التاجر، وظهرت الهدايا والمصالح الخفية التي كانت تربطهما.
غضب الوالي أشد الغضب، وأصدر أمرًا بعزل القاضي نعمان من منصبه وتجريده من سلطاته، كما أمر بمحاكمة التاجر على ظلمه واستغلاله لنفوذه وماله في التعدي على حقوق الآخرين.

أما زينب فقد أنصفها الوالي، وأمر بإعادة دكانها إليها كاملًا، وتعويضها عن خسائرها.
غمرت الفرحة قلب زينب بعودة الحق إلى نصابه، وشكرت الوالي على عدله وإنصافه.

انتشر خبر عدل الوالي في أرجاء المدينة، وشعر الناس بالاطمئنان والرجاء في تحقيق العدالة.
وأدرك الجميع أنّ الحق لا يضيع ما دام وراءه مطالب، وأن العدل أساس الملك، وأن الظلم مؤذن بخراب العمران.

وهكذا انتهت قصة زينب بانتصار الحق، وعقاب الفاسدين، لتكون عبرةً لكل من تسوّل له نفسه التلاعب بالعدالة أو ظلم الضعفاء.

لمشاهدة القصة على اليوتيوب