قصة الحداد والزوجة الخائنة

القصة تحكي عن سالم الحداد، رجل طيب فقير تخونه زوجته ليلى الطماعة بعدما تلجأ إلى ساحرة لتدمّر حياته وتتزوج أميرًا غنيًا. لكن بعد زواجها، تكتشف قسوته وتفقد كل شيء، بينما يُنقذ الله سالم بفضل صبره وإيمانه، ويتزوج من فتاة صالحة تُعيد له السعادة. في النهاية، تتعلم ليلى أن الطمع يجلب الهلاك، وأن القناعة سرّ الراحة والنجاح.

قصص طويلة

واحة الحكايات والقصص

يحكى في قرية بعيدة أن رجلا يُدعى سالم الحداد. كان رجلاً بسيطاً، يعمل في الحدادة بورشته الصغيرة التي ورثها عن والده، وكانت مصدر رزقه الوحيد. كان سالم طيب القلب، يحب مساعدة أهل قريته ويعامل الجميع بالحُسنى. لكن زوجته ليلى، كانت امرأة طمّاعة، لا ترى في حياتها المتواضعة ما يُرضي أحلامها. فقد كانت تطمح لحياة القصور والترف، وكانت ترى أن عمل زوجها في الحدادة شيء تافه لا يستحق الجهد. ذات ليلة، وبينما كانت نائمة، حلمت بأنها تعيش في قصر كبير مزين بالذهب، تخدمها الخادمات، وترتدي أثمن الثياب والمجوهرات. استيقظت وهي مصمّمة على تغيير حياتها، ولو كان ذلك على حساب زوجها. وفي أحد الأيام، كانت ليلى تتجول في سوق القرية، فرأت رجلاً ثرياً يُدعى الأمير كمال. كان يمتطي حصاناً أسود، ويرتدي ملابس فاخرة تدل على عِظم ثروته. وقع نظرها عليه وشعرت أنه يُجسد أحلامها، لكنها لم تكن تعلم أن وراء هذا الرجل أسراراً مظلمة. وبدافع الطمع، ذهبت ليلى إلى ساحرة عجوز تعيش في الغابة، يُقال عنها إنها تستطيع تغيير مصائر الناس بالسحر. وعندما وصلت إلى كوخها المظلم، طلبت منها أن تُفسد حياة سالم حتى تتمكن من الزواج بالأمير كمال. ضحكت الساحرة بخبث وقالت: "ما تطلبينه له ثمن باهظ، هل أنتِ مستعدة لدفعه؟" دون تردد، قدّمت ليلى كل ما تملك من الذهب، وكانت مستعدة لفعل أي شيء لتحقيق حلمها. لكن، في نفس الوقت، كانت لدى الساحرة ابنة شابة تُدعى ندى، فتاة طيبة القلب تكره أفعال والدتها الشريرة. كانت ندى قد سمعت حديث ليلى، فنصحتها قائلة: "اتقي الله في زوجك، واعلمي أن الشر لن يجلب لكِ سوى الندم." لكن ليلى لم تُنصت إليها، بل أمرت الساحرة بإكمال ما بدأتْه. صنعت الساحرة تعويذة شريرة، وأمرت ليلى بإخفائها في ورشة سالم. وفي صباح اليوم التالي، قامت ليلى بوضع التعويذة في ورشة زوجها دون أن يشعر. وبعد أيام قليلة، بدأت المصائب تتوالى على سالم: تعطلت أدواته، وابتعد الزبائن عنه، وأصبح يعاني من الفقر والديون، دون أن يعلم سبب ذلك. في تلك الأثناء، بدأت ليلى تُظهر استياءها من الحياة معه، وأخذت تُصر على طلب الطلاق. حاول سالم الحفاظ على زواجه، لكنه في النهاية وافق بعد أن يئس منها. وبالفعل، تزوجت ليلى من الأمير كمال، وعاشت معه حياة الترف التي طالما حلمت بها. لكن لم يمضِ وقت طويل، حتى اكتشفت أنه كان رجلاً قاسياً، لا يهتم إلا بمظهرها وجمالها. أما سالم، فقد جلس ذات مساء وحيداً، يُفكر في مصائبه، عندما رأى بومة تقف على شجرة قريبة منه، وكأنها تهمس له: "ابحث عن الحقيقة قبل فوات الأوان." قرر سالم الذهاب إلى شيخ حكيم في القرية لعله يجد عنده الحل. عندما سمع الشيخ قصته، قال له: "يا بُني، الشر لا يدوم أمام قوة الإيمان. الجأ إلى الله، وداوم على قراءة القرآن في ورشتك، وسيفرج الله همك." استمع سالم إلى نصيحته، وبدأ يقرأ القرآن في ورشته كل يوم، ويدعو الله أن يرفع عنه البلاء. وبعد أيام، مرضت الساحرة مرضاً شديداً، ولم يستطع أحد علاجها. وفي لحظاتها الأخيرة، نادت ابنتها ندى وقالت لها: "اذهبي إلى الحداد، وقولي له إن هناك تعويذة في ورشته تسببت في مصائبه." ذهبت ندى إلى سالم، وأخبرته بكل شيء. بدأ يبحث عن التعويذة في ورشته حتى وجدها مخبأة تحت طاولة الحدادة، فتخلص منها على الفور. وما إن فعل ذلك، حتى عادت ورشته للعمل، وبدأت حياته تعود إلى طبيعتها. وفي اليوم التالي، قرر سالم زيارة الساحرة ليشكر ابنتها على مساعدتها، لكنه وجدها قد فارقت الحياة، ووجد ندى تبكي بجوارها. عزاها، وسألها إن كانت تحتاج إلى أي مساعدة، ثم انصرف. ومع مرور الأيام، بدأ سالم يشعر بأن ندى فتاة طيبة تستحق التقدير، فتقدّم لخطبتها ووافقت، وتزوجا. وفي أحد الأيام، بينما كان سالم يعمل في ورشته، اكتشف باباً سرياً خلف الفرن لم يكن قد لاحظه من قبل. وعندما فتحه، وجد صندوقاً خشبياً قديماً. وعندما فتحه، وجد بداخله قطعاً ذهبية، ورسالة من والده الراحل كتب فيها: "لقد خبأت هذا الكنز لك، لأنني كنت أعلم أنك ستحتاجه يوماً ما، لكنني لم أردك أن تعثر عليه إلا إذا كنت صالحاً قادراً على تقدير قيمته." فرح سالم بهذا الاكتشاف، وكان الذهب كافياً لتوسيع ورشته وبدء حياة جديدة. مرت الأيام، وازدهرت أعماله، واستعاد مكانته في القرية، وأصبح رمزاً للعمل الجاد والرضا بما قسمه الله. وفي أحد الأيام، بينما كان عائداً من السوق، رأى ليلى تجلس في الشارع، ثيابها ممزقة، وعلامات التعب بادية على وجهها. اقترب منها وسألها عمّا حدث، فقالت وهي تبكي: "بعدما فقدت جمالي، بدأ الأمير كمال يعاملني بجفاء، وفي النهاية طلقني وطردني من القصر. خسرت كل شيء، والآن أعيش في الشوارع أطلب المساعدة من الناس." ثم نظرت إليه برجاء، وقالت: "هل يمكنك أن تسامحني؟ أريد العودة إليك." نظر إليها سالم بحزن وقال: "لقد سامحتك منذ زمن، لكن لا يمكنني أن أعود إليك، فقد تزوجت امرأة طيبة القلب تعرف قيمة الرضا والبساطة. لكن إن احتجتِ مساعدة، يمكنك القدوم إلى قريتنا، وسأساعدك بما أستطيع." تركها سالم ومضى في طريقه، بينما جلست ليلى تبكي، تدرك متأخرة أن الطمع قد حطم حياتها، وأن الرضا هو مفتاح السعادة الحقيقية. تحولت قصة الحداد إلى درس يتناقله أهل القرية، وأصبح الجميع يُرددون:

"القناعة كنز لا يفنى، والطمع يهدم صاحبه." وعاش سالم مع زوجته ندى حياة سعيدة، مليئة بالحب والرضا، بينما بقيت ليلى تجوب القرى نادمة على ما فعلته.